画像1

ファダクの説教 الخطبة الفدكية アラビア語

unknown artist
00:00 | 00:00
ジュマーダ・ッ=サーニー月3日は、預言者様逝去後の95日の伝承によるファーティマ・ザフラー様の殉教日です。

ファダクの説教とは、預言者マスジドでファーティマ・ザフラー様がファダクの地を不当に奪われたことに対する抗議の声明です。

正統カリフとして就任したアブー・バクルは「預言者たちは自身からの遺産を残さない」という預言者ムハンマド様に由来する伝承に基づき、本来は預言者様がファーティマ・ザフラー様に与えたファダクの地をカリフ制の利益の為に収奪しました。ファダクの地は当時、水と緑に恵まれたオアシスでした。

ファーティマ・ザフラー様は、彼らへの抗議はもはや無駄と判断されると、預言者マスジドへ向かい、抗議の声明を述べられました。彼女はこのファダクの説教の中で、ファダクの所有権について明言されました。同様にアミール・アル=ムウミニーンであられるイマーム・アリー様のカリフ位に関する権利も弁護され、預言者様の御一門の人々(アフルルバイト)に対するムスリムたちの沈黙を厳しく批難なさりました。

ファダクの説教は、神学、来世、預言者性や預言者召命、クルアーンの偉大さ、イスラーム法令の哲学、統治ولایتに関する叡智を含んだ内容になっています。

このファダクの説教は、スンナ派、シーア派が正当と認める出典の中で伝承されています。

لَمَّا بَلَغَ فَاطِمَةَ عَلَیهَا السَّلَامُ إِجْمَاعُ أَبِی بَکرٍ عَلَى مَنْعِهَا فَدَک، لَاثَتْ خِمَارَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَ اشْتَمَلَتْ بِجِلْبَابِهَا وَ أَقْبَلَتْ فِی لُمَةٍ مِنْ حَفَدَتِهَا وَ نِسَاءِ قَوْمِهَا تَطَأُ ذُیولَهَا، مَا تَخْرِمُ مِشْیتُهَا مِشْیةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى أَبِی بَکرٍ- وَ هُوَ فِی حَشَدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ غَیرِهِمْ فَنِیطَتْ دُونَهَا مُلَاءَةٌ، فَجَلَسَتْ ثُمَّ أَنَّتْ أَنَّةً أَجْهَشَ الْقَوْمُ لَهَا بِالْبُکاءِ، فَارْتَجَّ الْمَجْلِسُ، ثُمَّ أَمْهَلَتْ هُنَیئَةً حَتَّى إِذَا سَکنَ نَشِیجُ الْقَوْمِ وَ هَدَأَتْ فَوْرَتُهُمْ، افْتَتَحَتِ الْکلَامَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص)، فَعَادَ الْقَوْمُ فِی بُکائِهِمْ فَلَمَّا أَمْسَکوا عَادَتْ فِی کلَامِهَا. فَقَالَتْ عَلَیهَا السَّلَامُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ، وَ لَهُ الشُّکرُ عَلَى مَا أَلْهَمَ، وَ الثَّنَاءُ بِمَا قَدَّمَ مِنْ عُمُومِ نِعَمٍ ابْتَدَأَهَا، وَ سُبُوغِ آلَاءٍ أَسْدَاهَا، وَ تَمَامِ مِنَنٍ اَوْلاها، جَمَّ عَنِ الْإِحْصَاءِ عَدَدُهَا، وَ نَأَى عَنِ الْجَزَاءِ أَمَدُهَا، وَ تَفَاوَتَ عَنِ الْإِدْرَاک أَبَدُهَا، وَ نَدَبَهُمْ لِاسْتِزَادَتِهَا بِالشُّکرِ لِاتِّصَالِهَا، وَ اسْتَحْمَدَ إِلَى الْخَلَائِقِ بِإِجْزَالِهَا، وَ ثَنَّى بِالنَّدْبِ إِلَى أَمْثَالِهَا، وَ أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیک لَهُ، کلِمَةٌ جَعَلَ الْاِخْلاصَ تَأْوِیلَهَا، وَ ضَمَّنَ الْقُلُوبَ مَوْصُولَها، وَ اَنارَ فِی التَّفَكُّرِ مَعْقُولَها، الْمُمْتَنِعُ عَنِ الْاَبْصارِ رُؤْیتُهُ، وَ مِنَ الْاَلْسُنِ صِفَتُهُ، وَ مِنَ الْاَوْهامِ كَیفِیتُهُ.

اِبْتَدَعَ الْاَشْیاءَ لامِنْ شَیءٍ كانَ قَبْلَها، وَ اَنْشَاَها بِلاَاحْتِذاءِ اَمْثِلَةٍ اِمْتَثَلَها، كَوَّنَها بِقُدْرَتِهِ وَ ذَرَأَها بِمَشِیتِهِ، مِنْ غَیرِ حاجَةٍ مِنْهُ اِلی تَكْوینِها، وَ لافائِدَةٍ لَهُ فی تَصْویرِها، اِلاَّ تَثْبیتاً لِحِكْمَتِهِ وَ تَنْبیهاً عَلی طاعَتِهِ، وَ اِظْهاراً لِقُدْرَتِهِ وَ تَعَبُّداً لِبَرِیتِهِ، وَ اِعْزازاً لِدَعْوَتِهِ، ثُمَّ جَعَلَ الثَّوابَ عَلی طاعَتِهِ، وَ وَضَعَ الْعِقابَ عَلی مَعْصِیتِهِ، ذِیادَةً لِعِبادِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ وَ حِیاشَةً لَهُمْ اِلی جَنَّتِهِ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّ أَبِی مُحَمَّداً (صلی الله علیه وآله) عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، اخْتَارَهُ وَ انْتَجَبَهُ قَبْلَ أَنْ أَرْسَلَهُ، وَ سَمَّاهُ قَبْلَ أَنِ یجْتَبَلَهُ، وَ اصْطَفَاهُ قَبْلَ أَنِ ابْتَعَثَهُ، إِذِ الْخَلَائِقُ بِالْغَیبِ مَکنُونَةٌ، وَ بِسَتْرِ الْأَهَاوِیلِ مَصُونَةٌ، وَ بِنِهَایةِ الْعَدَمِ مَقْرُونَةٌ، عِلْماً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَائِلِ الْأُمُورِ، وَ إِحَاطَةً بِحَوَادِثِ الدُّهُورِ، وَ مَعْرِفَةً بِمَوَاقِعِ الْمَقْدُورِ. ابْتَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِتْمَاماً لِأَمْرِهِ، وَ عَزِیمَةً عَلَى إِمْضَاءِ حُکمِهِ، وَ إِنْفَاذاً لِمَقَادِیرِ حَتْمِهِ، فَرَأَى الْأُمَمَ فِرَقاً فِی أَدْیانِهَا، عُکفاً عَلَى نِیرَانِهَا، عَابِدَةً لِأَوْثَانِهَا، مُنْکرَةً لِلَّهِ مَعَ عِرْفَانِهَا، فَأَنَارَ اللَّهُ بِأَبِی ظُلَمَهَا، وَ کشَفَ عَنِ الْقُلُوبِ بُهَمَهَا، وَ جَلَى عَنِ الْأَبْصَارِ غُمَمَهَا، وَ قَامَ فِی النَّاسِ بِالْهِدَایةِ، فَأَنْقَذَهُمْ مِنَ الْغَوَایةِ، وَ بَصَّرَهُمْ مِنَ الْعَمَایةِ، وَ هَدَاهُمْ إِلَى الدِّینِ الْقَوِیمِ، وَ دَعَاهُمْ إِلَى الطَّرِیقِ الْمُسْتَقِیمِ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَ اخْتِیارٍ، وَ رَغْبَةٍ بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ مِنْ تَعَبِ هَذِهِ الدَّارِ فِی رَاحَةٍ، قَدْ حُفَّ بِالْمَلَائِکةِ الْأَبْرَارِ، وَ رِضْوَانِ الرَّبِّ الْغَفَّارِ، وَ مُجَاوَرَةِ الْمَلِک الْجَبَّارِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى أَبِی نَبِیهِ وَ أَمِینِهِ عَلَى الْوَحْی وَ صَفِیهِ وَ خِیرَتِهِ مِنَ الْخَلْقِ وَ رَضِیهِ، وَ السَّلَامُ عَلَیهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَکاتُهُ.

ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَى أَهْلِ الْمَجْلِسِ، وَ قَالَتْ: أَنْتُمْ عِبَادَ اللَّهِ نُصْبُ أَمْرِهِ وَ نَهْیهِ، وَ حَمَلَةُ دِینِهِ وَ وَحْیهِ، وَ أُمَنَاءُ اللَّهِ عَلَى أَنْفُسِکمْ، وَ بُلَغَاؤُهُ إِلَى الْأُمَمِ، وَ زَعَمْتُمْ حَقٌّ لَکمْ لِلَّهِ فِیکمْ عَهْدٌ قَدَّمَهُ إِلَیکمْ، وَ بَقِیةٌ اسْتَخْلَفَهَا عَلَیکمْ، کتَابُ اللَّهِ النَّاطِقُ، وَ الْقُرْآنُ الصَّادِقُ، وَ النُّورُ السَّاطِعُ، وَ الضِّیاءُ اللَّامِعُ، بَینَةٌ بَصَائِرُهُ، مُنْکشِفَةٌ سَرَائِرُهُ، مُتَجَلِّیةٌ ظَوَاهِرُهُ، مُدیما للبریة استماعه قَائِدا إِلَى الرِّضْوَانِ اتِّبَاعُهُ، مُؤَدٍّ إِلَى النَّجَاةِ أشیاعُهُ، بِهِ تُنَالُ حُجَجُ اللَّهِ الْمُنَوَّرَةُ، وَ عَزَائِمُهُ الْمُفَسَّرَةُ، وَ مَحَارِمُهُ الْمُحَذَّرَةُ، وَ بَینَاتُهُ الْجَالِیةُ، وَ بَرَاهِینُهُ الْکافِیةُ، وَ فَضَائِلُهُ الْمَنْدُوبَةُ، وَ رُخَصُهُ الْمَوْهُوبَةُ، وَ شَرَائِعُهُ الْمَکتُوبَةُ، فَجَعَلَ اللَّهُ الْإِیمَانَ تَطْهِیراً لَکمْ مِنَ الشِّرْک، وَ الصَّلَاةَ تَنْزِیهاً لَکمْ عَنِ الْکبْرِ، وَ الزَّکاةَ تَزْکیةً لِلنَّفْسِ وَ نَمَاءً فِی الرِّزْقِ، وَ الصِّیامَ تَثْبِیتاً لِلْإِخْلَاصِ، وَ الْحَجَّ تَشْییداً لِلدِّینِ، وَ الْعَدْلَ تَنْسِیقاً لِلْقُلُوبِ، وَ طَاعَتَنَا نِظَاماً لِلْمِلَّةِ، وَ إِمَامَتَنَا أَمَاناً مِنَ الْفُرْقَةِ، وَ الْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ، وَ الصَّبْرَ مَعُونَةً عَلَى اسْتِیجَابِ الْأَجْرِ، وَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَامَّةِ، وَ بِرَّ الْوَالِدَینِ وِقَایةً مِنَ السَّخَطِ، وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ، وَ الْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ، وَ الْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ تَعْرِیضاً لِلْمَغْفِرَةِ، وَ تَوْفِیةَ الْمَکاییلِ وَ الْمَوَازِینِ تَغْییراً لِلْبَخْسِ، وَ النَّهْی عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ تَنْزِیهاً مِنَ الرِّجْسِ، وَ اجْتِنَابَ الْقَذْفِ حِجَاباً عَنِ اللَّعْنَةِ، وَ تَرْک السَّرِقَةِ إِیجَاباً لِلْعِفَّةِ، وَ حَرَّمَ اللَّهُ الشِّرْک إِخْلَاصاً لَهُ بِالرُّبُوبِیةِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَ أَطِیعُوا اللَّهَ فِیمَا أَمَرَکمْ بِهِ وَ نَهَاکمْ عَنْهُ فَإِنَّهُ إِنَّما یخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.

ثُمَّ قَالَتْ: أَیهَا النَّاسُ! اعْلَمُوا أَنِّی فَاطِمَةُ وَ أَبِی مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ، أَقُولُ عَوْداً وَ بَدْءاً، وَ لَا أَقُولُ مَا أَقُولُ غَلَطاً، وَ لَا أَفْعَلُ مَا أَفْعَلُ شَطَطاً، لَقَدْ جاءَکمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِکمْ عَزِیزٌ عَلَیهِ ما عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیکمْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ، فَإِنْ تَعْزُوهُ وَ تَعْرِفُوهُ تَجِدُوهُ أَبِی دُونَ آبَائِکمْ، وَ أَخَا ابْنِ عَمِّی دُونَ رِجَالِکمْ، وَ لَنِعْمَ الْمَعْزِی إِلَیهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، صَادِعاً بِالنِّذَارَةِ، مَائِلًا عَنْ مَدْرَجَةِ الْمُشْرِکینَ، ضَارِباً ثَبَجَهُمْ، آخِذاً بِأَکظَامِهِمْ، دَاعِیاً إِلَى سَبِیلِ رَبِّهِ بِالْحِکمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، یکسِرُ الْأَصْنَامَ، وَ ینْکثُ الْهَامَ، حَتَّى انْهَزَمَ الْجَمْعُ وَ وَلَّوُا الدُّبُرَ، حَتَّى تَفَرَّى اللَّیلُ عَنْ صُبْحِهِ، وَ أَسْفَرَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ، وَ نَطَقَ زَعِیمُ الدِّینِ، وَ خَرِسَتْ شَقَاشِقُ الشَّیاطِینِ، وَ طَاحَ وَشِیظُ النِّفَاقِ، وَ انْحَلَّتْ عُقَدُ الْکفْرِ وَ الشِّقَاقِ، وَ فُهْتُمْ بِکلِمَةِ الْإِخْلَاصِ فِی نَفَرٍ مِنَ الْبِیضِ الْخِمَاصِ، وَ کنْتُمْ عَلى‌ شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ، مُذْقَةَ الشَّارِبِ، وَ نُهْزَةَ الطَّامِعِ، وَ قَبْسَةَ الْعَجْلَانِ، وَ مَوْطِئَ الْأَقْدَامِ، تَشْرَبُونَ الطَّرْقَ، وَ تَقْتَاتُونَ الْوَرَقَ، أَذِلَّةً خَاسِئِینَ، تَخافُونَ أَنْ یتَخَطَّفَکمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِکمْ، فَأَنْقَذَکمُ اللَّهُ تَبَارَک وَ تَعَالَى بِأَبِی بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ بَعْدَ اللَّتَیا وَ الَّتِی، وَ بَعْدَ أَنْ مُنِی بِبُهَمِ الرِّجَالِ، وَ ذُؤْبَانِ الْعَرَبِ، وَ مَرَدَةِ أَهْلِ الْکتَابِ کلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ، أَوْ نَجَمَ قَرْنٌ لِلشَّیطَانِ، وَ فَغَرَتْ فَاغِرَةٌ مِنَ الْمُشْرِکینَ، قَذَفَ أَخَاهُ فِی لَهَوَاتِهَا، فَلَا ینْکفِئُ حَتَّى یطَأَ صِمَاخَهَا بِأَخْمَصِهِ، وَ یخْمِدَ لَهَبَهَا بِسَیفِهِ، مَکدُوداً دؤوبا فِی ذَاتِ اللَّهِ، وَ مُجْتَهِداً فِی أَمْرِ اللَّهِ، قَرِیباً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، سَیدَ أَوْلِیاءِ اللَّهِ، مُشَمِّراً نَاصِحاً، مُجِدّاً کادِحاً، لَا تَأْخُذُهُ فِی اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَ أَنْتُمْ فِی رَفَاهِیةٍ مِنَ الْعَیشِ، وَادِعُونَ فَاکهُونَ آمِنُونَ، تَتَرَبَّصُونَ بِنَا الدَّوَائِرَ، وَ تَتَوَکفُونَ الْأَخْبَارَ، وَ تَنْکصُونَ عِنْدَ النِّزَالِ، وَ تَفِرُّونَ مِنَ الْقِتَالِ؛

فَلَمَّا اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِیهِ دَارَ أَنْبِیائِهِ، وَ مَأْوَى أَصْفِیائِهِ، ظَهَرَ فِیکمْ حَسِیکةُ النِّفَاقِ، وَ سَمَلَ جِلْبَابُ الدِّینِ، وَ نَطَقَ کاظِمُ الْغَاوِینَ، وَ نَبَغَ خَامِلُ الْأَقَلِّینَ، وَ هَدَرَ فَنِیقُ الْمُبْطِلِینَ، فَخَطَرَ فِی عَرَصَاتِکمْ، وَ أَطْلَعَ الشَّیطَانُ رَأْسَهُ مِنْ مَغْرَزِهِ هَاتِفاً بِکمْ، فَأَلْفَاکمْ لِدَعْوَتِهِ مُسْتَجِیبِینَ، وَ لِلْغِرَّةِ فِیهِ مُلَاحِظِینَ، ثُمَّ اسْتَنْهَضَکمْ فَوَجَدَکمْ خِفَافاً، وَ أَحْمَشَکمْ فَأَلْفَاکمْ غِضَاباً، فَوَسَمْتُمْ غَیرَ إِبِلِکمْ، وَ أَوْرَدْتُمْ غَیرَ شِرْبِکمْ، هَذَا وَ الْعَهْدُ قَرِیبٌ، وَ الْکلْمُ رَحِیبٌ، وَ الْجُرْحُ لَمَّا ینْدَمِلْ، وَ الرَّسُولُ لَمَّا یقْبَرْ، ابْتِدَاراً زَعَمْتُمْ خَوْفَ الْفِتْنَةِ أَلا فِی الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِیطَةٌ بِالْکافِرِینَ، فَهَیهَاتَ مِنْکمْ! وَ کیفَ بِکمْ؟! وَ أَنَّى تُؤْفَکونَ؟ وَ کتَابُ اللَّهِ بَینَ أَظْهُرِکمْ، أُمُورُهُ ظَاهِرَةٌ، وَ أَحْکامُهُ زَاهِرَةٌ، وَ أَعْلَامُهُ بَاهِرَةٌ، وَ زَوَاجِرُهُ لَائِحَةٌ، وَ أَوَامِرُهُ وَاضِحَةٌ، وَ قَدْ خَلَّفْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِکمْ، أَ رَغْبَةً عَنْهُ تُرِیدُونَ، أَمْ بِغَیرِهِ تَحْکمُونَ؟! بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا، وَ مَنْ یبْتَغِ غَیرَ الْإِسْلامِ دِیناً فَلَنْ یقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِی الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِینَ، ثُمَّ لَمْ تَلْبَثُوا إِلَّا رَیثَ أَنْ تَسْکنَ نَفْرَتُهَا، وَ یسْلَسَ قِیادُهَا، ثُمَّ أَخَذْتُمْ تُورُونَ وَقْدَتَهَا، وَ تُهَیجُونَ جَمْرَتَهَا، وَ تَسْتَجِیبُونَ لِهُتَافِ الشَّیطَانِ الْغَوِی، وَ إِطْفَاءِ أَنْوَارِ الدِّینِ الْجَلِی، وَ إِهْمَادِ سُنَنِ النَّبِی الصَّفِی، تَشْرَبُونَ حَسْواً فِی ارْتِغَاءٍ، وَ تَمْشُونَ لِأَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ فِی الْخَمْرَةُ وَ الضَّرَاءِ، وَ نَصْبِرُ مِنْکمْ عَلَى مِثْلِ حَزِّ الْمُدَى، وَ وَخْزِ السِّنَانِ فِی الْحَشَا، وَ أَنْتُمْ الْآنَ تَزْعُمُونَ أَلَّا إِرْثَ لَنَا، أَ فَحُکمَ الْجاهِلِیةِ یبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُکماً لِقَوْمٍ یوقِنُونَ أَ فَلَا تَعْلَمُونَ؟! بَلَى، تَجَلَّى لَکمْ کالشَّمْسِ الضَّاحِیةِ أَنِّی ابْنَتُهُ أَیهَا الْمُسْلِمُونَ، أَ أُغْلَبُ عَلَى إِرْثِیهْ؟!

یا ابْنَ أَبِی قُحَافَةَ، أَ فِی کتَابِ اللَّهِ أَنْ تَرِثَ أَبَاک وَ لَا أَرِثَ أَبِی؟! لَقَدْ جِئْتَ شَیئاً فَرِیا. أَ فَعَلَى عَمْدٍ تَرَکتُمْ کتَابَ اللَّهِ وَ نَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِکمْ إِذْ یقُولُ: وَ وَرِثَ سُلَیمانُ داوُدَ [۱]؟! وَ قَالَ فِیمَا اقْتَصَّ مِنْ خَبَرِ یحْیى بْنِ زَکرِیا (ع) إِذْ قَالَ: فَهَبَّ لِی مِنْ لَدُنْک وَلِیا یرِثُنِی وَ یرِثُ مِنْ آلِ یعْقُوبَ [۲]، وَ قَالَ: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‌ بِبَعْضٍ فِی کتابِ اللَّهِ [۳]، وَ قَالَ: یوصِیکمُ اللَّهُ فِی أَوْلادِکمْ لِلذَّکرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیینِ [۴]، وَ قَالَ: إِنْ تَرَک خَیراً الْوَصِیةُ لِلْوالِدَینِ وَ الْأَقْرَبِینَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِینَ [۵]، وَ زَعَمْتُمْ أَنْ لَا حُظْوَةَ لِی وَ لَا أَرِثَ مِنْ أَبِی وَ لَا رَحِمَ بَینَنَا، أَ فَخَصَّکمُ اللَّهُ بِآیةٍ أَخْرَجَ أَبِی (ص) مِنْهَا؟! أَمْ تَقُولُونَ إِنِّ أَهْلَ الْمِلَّتَینِ لَا یتَوَارَثَانِ؟!، أَوَ لَسْتُ أَنَا وَ أَبِی مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ؟! أَمْ أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِخُصُوصِ الْقُرْآنِ وَ عُمُومِهِ مِنْ‌ أَبِی وَ ابْنِ عَمِّی؟! فَدُونَکمَا مَخْطُومَةً مَرْحُولَةً تَلْقَاک یوْمَ حَشْرِک، فَنِعْمَ الْحَکمُ اللَّهُ، وَ الزَّعِیمُ مُحَمَّدٌ، وَ الْمَوْعِدُ الْقِیامَةُ، وَ عِنْدَ السَّاعَةِ یخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، وَ لَا ینْفَعُکمْ إِذْ تَنْدَمُونَ، وَ لِکلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ یأْتِیهِ عَذابٌ یخْزِیهِ وَ یحِلُّ عَلَیهِ عَذابٌ مُقِیمٌ.

قال و ما رأیت اکثر باکیة و باک منه یومئذ؛ ثُمَّ رَمَتْ بِطَرْفِهَا نَحْوَ الْأَنْصَارِ فَقَالَتْ: یا مَعَاشِرَ النَّقِیبَةِ. وَ یا عِمَادَ الْمِلَّةِ وَ حِصْنَةِ الْإِسْلَامِ، مَا هَذِهِ الْغَمِیزَةُ فِی حَقِّی، وَ السِّنَةُ عَنْ ظُلَامَتِی، أَ مَا کانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ أَبِی یقُولُ: الْمَرْءُ یحْفَظُ فِی وُلْدِهِ، سَرْعَانَ مَا أَحْدَثْتُمْ، وَ عَجْلَانَ ذَا إِهَالَةٍ، وَ لَکمْ طَاقَةٌ بِمَا أُحَاوِلُ، وَ قُوَّةٌ عَلَى مَا أَطْلُبُ وَ أُزَاوِلُ، أَ تَقُولُونَ مَاتَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ، فَخَطْبٌ جَلِیلٌ اسْتَوْسَعَ وَهْنُهُ، وَ اسْتَنْهَرَ فَتْقُهُ، وَ انْفَتَقَ رَتْقُهُ، وَ أَظْلَمَتِ الْأَرْضُ لِغَیبَتِهِ، وَ کسِفَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرِ وَ انْتَثَرَتْ النُّجُومُ لِمُصِیبَتِهِ، وَ أَکدَتِ الْآمَالُ، وَ خَشَعَتِ الْجِبَالُ، وَ أُضِیعَ الْحَرِیمُ، وَ أُزِیلَتِ الْحُرْمَةُ عِنْدَ مَمَاتِهِ، فَتِلْک وَ اللَّهِ النَّازِلَةُ الْکبْرَى، وَ الْمُصِیبَةُ الْعُظْمَى، لَا مِثْلَهَا نَازِلَةٌ، وَ لَا بَائِقَةٌ عَاجِلَةٌ، أَعْلَنَ بِهَا کتَابُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِی أَفْنِیتِکمْ مُمْسَاکمْ وَ مُصْبَحِکمْ، هُتَافاً وَ صُرَاخاً، وَ تِلَاوَةً وَ إِلْحَاناً، وَ لَقَبْلَهُ مَا حَلَّ بِأَنْبِیاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ، حُکمٌ فَصْلٌ وَ قَضَاءٌ حَتْمٌ: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‌ أَعْقابِکمْ وَ مَنْ ینْقَلِبْ عَلى‌ عَقِبَیهِ فَلَنْ یضُرَّ اللَّهَ شَیئاً وَ سَیجْزِی اللَّهُ الشَّاکرِینَ.[۶]

إِیهاً بَنِی قَیلَةَ! أَ أُهْضِمَ تُرَاثُ أَبِی وَ أَنْتُمْ بِمَرْأًى مِنِّی وَ مَسْمَعٍ، تَلْبَسُکمُ الدَّعْوَةُ، وَ تَشْمَلُکمُ الْخِبْرَةُ، وَ أَنْتُمْ ذَوُو الْعَدَدِ وَ الْعُدَّةِ، وَ عِنْدَکمُ السِّلَاحُ وَ الْجُنَّةُ، تُوَافِیکمُ الدَّعْوَةُ فَلَا تُجِیبُونَ، وَ تَأْتِیکمُ الصَّرْخَةُ فَلَا تُغِیثُونَ، وَ أَنْتُمْ مَوْصُوفُونَ بِالْکفَاحِ، مَعْرُوفُونَ بِالْخَیرِ وَ الصَّلَاحِ، وَ النُّخْبَةِ الَّتِی انْتَخَبْتُ، وَ الْخِیرَةُ الَّتِی اخْتِیرَتْ لَنَا أَهْلَ الْبَیتَ. قَاتَلَکمْ الْعَرَبَ، وَ تَحَمَّلْتُمُ الْکدَّ وَ التَّعَبَ، وَ نَاطَحْتُمُ الْأُمَمَ، وَ کافَحْتُمُ الْبُهَمَ، لَا نَبْرَحُ أَوْ تَبْرَحُونَ، نَأْمُرُکمْ فَتَأْتَمِرُونَ، حَتَّى إِذَا دَارَتْ بِنَا رَحَى الْإِسْلَامِ، وَ دَرَّ حَلَبُ الْأَیامِ، وَ خَضَعَتْ ثَغْرَةُ الشِّرْک، وَ سَکنَتْ فَوْرَةُ الْإِفْک، وَ خَمَدَتْ نِیرَانُ الْکفْرِ، وَ هَدَأَتْ دَعْوَةُ الْهَرْجِ، وَ اسْتَوْسَقَ نِظَامُ الدِّینِ، فَأَنَّى حُرْتُمْ بَعْدَ الْبَیانِ، وَ أَسْرَرْتُمْ بَعْدَ الْإِعْلَانِ، وَ نَکصْتُمْ بَعْدَ الْإِقْدَامِ، وَ أَشْرَکتُمْ بَعْدَ الْإِیمَانِ، بُؤْساً لِقَوْمٍ نَکثُوا أَیمانَهُمْ وَ هَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَ هُمْ بَدَؤُکمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ کنْتُمْ مُؤْمِنِینَ، أَلَا وَ قَدْ أَرَى أَنْ قَدْ أَخْلَدْتُمْ إِلَى الْخَفْضِ، وَ أَبْعَدْتُمْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْبَسْطِ وَ الْقَبْضِ، وَ خَلَوْتُمْ بِالدَّعَةِ، وَ نَجَوْتُمْ بالضِّیقِ مِنَ السَّعَةِ، فَمَجَجْتُمْ مَا وَعَیتُمْ، وَ دَسَعْتُمُ الَّذِی تَسَوَّغْتُمْ، فَإِنْ تَکفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِی حَمِیدٌ. أَلَا وَ قَدْ قُلْتُ الذی قُلْتُ عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنِّی بِالْخَذْلَةِ الَّتِی خَامَرَتْکمْ، وَ الْغَدْرَةِ الَّتِی اسْتَشْعَرَتْهَا قُلُوبُکمْ، وَ لَکنَّهَا فَیضَةُ النَّفْسِ، وَ نَفْثَةُ الْغَیظِ، وَ خَوْرُ الْقَنَاةِ، وَ بَثَّةُ الصَّدْرِ، وَ تَقْدِمَةُ الْحُجَّةِ، فَدُونَکمُوهَا فَاحْتَقِبُوهَا دَبِرَةَ الظَّهْرِ، نَقِبَةَ الْخُفِّ، بَاقِیةَ الْعَارِ، مَوْسُومَةً بِغَضَبِ اللَّهِ مَوْصُولَةً بِنارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِی تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ فَبِعَینِ اللَّهِ مَا تَفْعَلُونَ وَ سَیعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَی مُنْقَلَبٍ ینْقَلِبُونَ. وَ أَنَا ابْنَةُ نَذِیرٍ لَکمْ بَینَ یدَی عَذابٍ شَدِیدٍ فَاعْمَلُوا ... إِنَّا عامِلُونَ وَ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ.

فَأَجَابَهَا أَبُو بَکرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَ قَالَ: یا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ (ص)! لَقَدْ کانَ أَبُوک بِالْمُؤْمِنِینَ عَطُوفاً کرِیماً، رَءُوفاً رَحِیماً، وَ عَلَى الْکافِرِینَ عَذَاباً أَلِیماً، وَ عِقَاباً عَظِیماً، إِنِ عَزَوْنَاهُ وَجَدْنَاهُ أَبَاک دُونَ النِّسَاءِ، وَ أَخا إلفک دُونَ الْأَخِلَّاءِ آثَرَهُ عَلَى کلِّ حَمِیمٍ، وَ سَاعَدَهُ فِی کلِّ أَمْرٍ جَسِیمٍ، لَا یحِبُّکمْ إِلَّا سَعِیدٍ، وَ لَا یبْغِضُکمْ إِلَّا شقِی بَعِیدٌ، فَأَنْتُمْ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ (ص) الطَّیبُونَ، وَ الْخِیرَةُ الْمُنْتَجَبُونَ، عَلَى الْخَیرِ أَدِلَّتُنَا، وَ إِلَى الْجَنَّةِ مَسَالِکنَا، وَ أَنْتِ یا خِیرَةَ النِّسَاءِ وَ ابْنَةَ خَیرِ الْأَنْبِیاءِ صَادِقَةٌ فِی قَوْلِک، سَابِقَةٌ فِی وُفُورِ عَقْلِک، غَیرُ مَرْدُودَةٍ عَنْ حَقِّک، وَ لَا مَصْدُودَةٍ عَنْ صِدْقِک، وَ اللَّهِ مَا عَدَوْتُ رَأْی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ لَا عَمِلْتُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَ إِنَّ الرَّائِدَ لَا یکذِبُ أَهْلَهُ، وَ إِنِّی أُشْهِدُ اللَّهَ وَ کفَى بِهِ شَهِیداً أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ یقُولُ: نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِیاءِ لَا نُورِثُ ذَهَباً وَ لَا فِضَّةً وَ لَا دَاراً وَ لَا عَقَاراً وَ إِنَّمَا نُورِثُ الْکتَابَ وَ الْحِکمَةَ وَ الْعِلْمَ وَ النُّبُوَّةَ، وَ مَا کانَ لَنَا مِنْ طُعْمَةٍ فَلِوَلِی الْأَمْرِ بَعْدَنَا أَنْ یحْکمَ فِیهِ بِحُکمِهِ، وَ قَدْ جَعَلْنَا مَا حَاوَلْتِهِ فِی الْکرَاعِ وَ السِّلَاحِ یقَاتِلُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ وَ یجَاهِدُونَ الْکفَّارَ، وَ یجَالِدُونَ الْمَرَدَةَ الْفُجَّارَ، وَ ذَلِک بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ، لَمْ أنفرد بِهِ وَحْدِی، وَ لَمْ أَسْتَبِدَّ بِمَا کانَ الرَّأْی عِنْدِی، وَ هَذِهِ حَالِی وَ مَالِی هِی لَک وَ بَینَ یدَیک لَا نَزْوِی عَنْک وَ لَا نَدَّخِرُ دُونَک، وَ أَنْتِ سَیدَةُ أُمَّةِ أَبِیک، وَ الشَّجَرَةُ الطَّیبَةُ لِبَنِیک، لَا نَدْفَعَ مَا لَک مِنْ فَضْلِک، وَ لَا نُوضَعُ مِنْ فَرْعِک وَ أَصْلِک، حُکمُک نَافِذٌ فِیمَا مَلَکتْ یدَای، فَهَلْ تَرَینَ أَنْ أُخَالِفَ فِی ذَلِک أَبَاک صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟!

فَقَالَتْ عَلَیهَا السَّلَامُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا کانَ أَبِی رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ عَنْ کتَابِ اللَّهِ صَادِفاً وَ لَا لِأَحْکامِهِ مُخَالِفاً، بَلْ کانَ یتْبَعُ أَثَرَهُ، وَ یقْفُو سُوَرَهُ، أَ فَتَجْمَعُونَ إِلَى الْغَدْرِ اعْتِلَالًا عَلَیهِ بِالزُّورِ و البهتان، وَ هَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ شَبِیهٌ بِمَا بُغِی لَهُ مِنَ الْغَوَائِلِ فِی حَیاتِهِ، هَذَا کتَابُ اللَّهِ حَکماً عَدْلًا، وَ نَاطِقاً فَصْلًا، یقُولُ: یرِثُنِی وَ یرِثُ مِنْ آلِ یعْقُوبَ [۷] وَ یقُولُ وَ وَرِثَ سُلَیمانُ داوُدَ [۸] فَبَینَ عَزَّ وَ جَلَّ فِیمَا وُزِّعَ مِنَ الْأَقْسَاطِ، وَ شَرَعَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَ الْمِیرَاثِ، وَ أَبَاحَ مِنْ حَظِّ الذُّکرَانِ وَ الْإِنَاثِ مَا أَزَاحَ بِهِ عِلَّةَ الْمُبْطِلِینَ، وَ أَزَالَ التَّظَنِّی وَ الشُّبُهَاتِ فِی الْغَابِرِینَ، کلَّا! بَلْ سَوَّلَتْ لَکمْ أَنْفُسُکمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِیلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى‌ ما تَصِفُونَ.

فَقَالَ أَبُو بَکرٍ: صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَتْ ابْنَتُهُ، أَنْتِ مَعْدِنُ الْحِکمَةِ، وَ مَوْطِنُ الْهُدَى وَ الرَّحْمَةِ، وَ رُکنُ الدِّینِ، وَ عَینُ الْحُجَّةِ، لَا أُبَعِّدُ صَوَابَک، وَ لَا أُنْکرُ خِطَابَک، هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ بَینِی وَ بَینَک قَلَّدُونِی مَا تَقَلَّدْتُ، وَ بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ أَخَذْتُ مَا أَخَذْتُ، غَیرَ مُکابِرٍ وَ لَا مُسْتَبِدٍّ وَ لَا مُسْتَأْثِرٍ، وَ هُمْ بِذَلِک شُهُودٌ.

فَالْتَفَتَتْ فَاطِمَةُ عَلَیهَا السَّلَامُ النَّاسَ وَ قَالَتْ: مَعَاشِرَ المُسْلِمینَ! الْمُسْرِعَةَ إِلَى قِیلِ الْبَاطِلِ، الْمُغْضِیةَ عَلَى الْفِعْلِ الْقَبِیحِ الْخَاسِرِ أَ فَلا یتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‌ قُلُوبٍ أَقْفالُها، کلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِکمْ، مَا أَسَأْتُمْ مِنْ أَعْمَالِکمْ، فَأَخَذَ بِسَمْعِکمْ وَ أَبْصَارِکمْ، وَ لَبِئْسَ مَا تَأَوَّلْتُمْ، وَ سَاءَ مَا بِهِ أَشَرْتُمْ، وَ شَرَّ مَا اغتصبتم، لَتَجِدُنَّ وَ اللَّهِ مَحْمِلَهُ ثَقِیلًا، وَ غِبَّهُ وَبِیلًا، إِذَا کشِفَ لَکمُ الْغِطَاءُ، وَ بَانَ مَا وَرَاءَهُ من الْبَاسَاءِ وَ الضَّرَّاءِ، وَ بَدَا لَکمْ مِنْ رَبِّکمْ مَا لَمْ تَکونُوا تَحْتَسِبُوُنَ وَ خَسِرَ هُنالِک الْمُبْطِلُونَ. ثُمَّ عَطَفَتْ عَلَى قَبْرِ النَّبِی صَلَّى اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ قَالَتْ:

قَدْ كانَ بَعْدَكَ اَنْباءٌ وَهَنْبَثَةٌ لَوْ كُنْتَ شاهِدَها لَمْ تَكْثِرِ الْخُطَبُ
اِنَّا فَقَدْناكَ فَقْدَ الْاَرْضِ وابِلَها وَ اخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ وَ لاتَغِبُ
وَ كُلُّ اَهْلٍ لَهُ قُرْبی وَ مَنْزِلَةٌ عِنْدَ الْاِلهِ عَلَی الْاَدْنَینِ مُقْتَرِبُ
اَبْدَتْ رِجالٌ لَنا نَجْوی صُدُورِهِمُ لمَّا مَضَیتَ وَ حالَتْ دُونَكَ التُّرَبُ
تَجَهَّمَتْنا رِجالٌ وَ اسْتُخِفَّ بِنا لَمَّا فُقِدْتَ وَ كُلُّ الْاِرْثِ مُغْتَصَبُ
وَ كُنْتَ بَدْراً وَ نُوراً یسْتَضاءُ بِهِ عَلَیكَ تنْزِلُ مِنْ ذِی الْعِزَّةِ الْكُتُبُ
وَ كانَ جِبْریلُ بِالْایاتِ یؤْنِسُنا فَقَدْ فُقِدْتَ وَ كُلُّ الْخَیرِ مُحْتَجَبُ
فَلَیتَ قَبْلَكَ كانَ الْمَوْتُ صادِفُنا لَمَّا مَضَیتَ وَ حالَتْ دُونَكَ الْكُتُبُ

いただいたサポートで、日本人のイスラーム研究を応援します!